الاثنين، 21 نوفمبر 2011

ثورة تبديل لا ثورة تغيير... أبداً ليست ثورة ! ! !

البارحة كان لي حديث مطول في جلسة اجتماعية مع بعض الأقارب، هم من أنصار الثورة حتى الرمق الأخير. تناقشنا كثيراً في أمور البلد اليوم، تدافعنا بالكلمات، كل يحاول أن يثبت أنه على حق وأن الأمور يجب أن تؤول إلى ما تصبو إليه نفسه. لكل منا نظرية تدعمها دلائل وشهود عيان. لكل منا ثقة بأشخاص ندافع عن مواقفهم وننبذ ما يصرح به الطرف الآخر. نستهجن أفعالاً ونمدح أقوالاً، نرحب بأفكار وننبذ أخرى، كل هذا ونحن نجلس على طرفي نقيض بشأن هذه الثورة السورية المزعومة.
في خضم الحديث تلتفت سيدة وتوجه لي الكلام حيث كنت أنتقد أفعال أزلام المعارضة وهمجيتهم في التعاطي مع الشخص المختلف. وحوار الأرجل الذي يستخدمونه تاركين أفواههم تفوح منها رائحة الشتائم في كل حدب وصوب. قالت السيدة الوقورة وهي قد عادت لتوها من دولة الإمارات العربية حيث قضت عطلة العيد عند ابنها العامل هناك... قالت: معك حق لكن هؤلاء ليسوا المعارضة الحقيقية، في الخارج هنالك شباب واعٍ مثقف جاهز لاستلام الأمور عند سقوط النظام. أما أعضاء المجلس الوطني وغيرهم من رجالات المعارضة الذين يظهرون اليوم أمام وسائل الإعلام فلهم دور محدد ثم سيحرقون وتحرق أوراقهم. المعارض الحقيقي الواعي والمهيأ هو الآن متخفٍّ لا يعلن عن اسمه – طبعاً هم كثر لا شخصاً واحداً-  وذلك خوفاً من أن تحرق أسماؤهم أيضاً.
سكتّ برهة وتأملت، إذن أطياف المعارضة اليوم سيرمى بهم غداً في مزبلة التاريخ، لأنهم بنظر من يستخدمهم غير كفء لاستلام زمام الأمور متى نجحت ثورتهم المزعومة! وستأتي حينها مجموعة أخرى تزعم أنها النخبة وتعتقد في نفسها التميز والوطنية الصحيحة ولها مطلق الحق في استلام سدة الحكم والتحكم في مقدرات سوريا.
حقاً ما زلت أفتش عن مضمون للثورة، ما زلت أبحث هنا وهناك سائلة هذا وذاك عن السبب الرئيسي للثورة. ثم أكتشف ببساطة أنها ثورة مصالح لا ثورة قضية، ثورة تخريب لا ثورة عمار، والأخلاق في كل هذا لا مكان لها من الإعراب.
همنا الوحيد أن نحكم ونتسلط، أن نشعر بتميزنا العظيم من خلال إخراس الآخر وكبته لا نستطيع أن نمنع أنفسنا من القمع والظلم ولو بأبسط الأشكال، اعتقدت أن الثورة تعني التغيير، اكتشفت أن ثوراتنا تعني التبديل لا غير. يرحل شخص ليستلم آخر لكن القادم أشد قبحاً من الراحل، والضمير عند الجميع شهيد.
لذلك ثورتي ما زالت قائمة ومختلفة، ثورتي هي أن أقبل الآخر كما هو، أن أعمل مع الآخر لبناء الوطن، أن أربي مع الآخر أبناء شهداء مؤمنين بقضية لا أن ينشؤوا على اللاقضية. ثورتي ليست سياسية أو طائفية، ليست شخصية أو انتهازية، إنها ثورة أخلاق استثنائية في أبناء جيل استثنائي، جيل التطور والتدهور في آن.
ما زلت غير مؤمنة بأن ما تشهده عيني اليوم هو ثورة، لكني ما زلت على إيماني بأنه يوماً ما ستعود سوريا سيدة التاريخ كما كانت ستعود منبع الحضارة والرقي إذ بأخلاقنا أولاً نصنع وطناً، وبضميرنا نحميه، وبحبنا نحييه.
دامت سوريا حرة أبية