الخميس، 19 يناير 2012

رغم أنه دوماً خارج الحسبان.... لكنه أبداً يدفع الثمن.... إنه الشعب


بين لا ثورة في زي ثورة ولا سلطة في عباءة سلطة يضيع دوماً شعب ما في مكان ما. في ظل مبادئ كبيرة وأخرى عفا عليها الزمن يولد مناضل. تحت شعار ديمقراطية كاذبة أو اشتراكية مستحيلة أو وحدة تجزأت إلى آحاد يستبد حاكم. أما الشعب فما زال يعيش على فتات وطن.

في سوريا ثمة شعب ينتظر أملاً، يحلم بنجاح مشروع ثورة، يأمل بتوبة سلطة فتكت، ينظر في أمسه لاعناً عقوداً من مذلة مضت، ينظر في يومه عازماً على التغيير، لكن حين ينظر إلى البعيد لا يرى سوى ضباب الغضب ونار الحقد تفتكان بالبلد. يبكي هذا الشعب على منبر الحرية  رافضاً الثائر وناقماً على اللا ثائر في ذات الوقت.  

في حمص أسلحة تفتك بالناس، رعب يشل حياتهم، دم يسفك في أحضانهم، عيون جزعة، قلوب هلعة أمام أياد مجرمة جشعة. في حمص القتل صار سهلاً وتجارة الأعضاء أضحت رزقاً. هناك لا تعليم في مدارس، لا وقود في مدافئ، لا بسمة على شفاه. هناك جهل وبرد وحزن. هناك لم يعد ثمة مدينة بل أشلاء مبعثرة.

في حلب قنابل صوتية وأخرى موقوتة، تفجير وتدمير وتعتيم على التخريب. في حلب يطعن الطلاب زملاءهم بحجة الثورة، يعتدي المسلحون على النساء، يخطفون الأطفال، وحتى الشيوخ باسم الثورة.

في دمشق... في حماة... في درعا... وسائر سوريا ثمة ألم وثمة أمل... اليوم في كل شبر من أرض أمتي شهيد، في كل عين أم دمعة، في كل فؤاد أب لوعة، وفي ضمير كل سلطة وكل ثورة خنجر مسلول في وجه  شعب أعزل إلا من حب الوطن.

هناك على حدود الوطن مخيمات تحتضن بعضاً من سوريين اختاروا الرحيل، ومخيمات قيد الإنجاز لسوريين لم يقرروا بعد، بل تقرر عنهم أطراف تدعي الحب والإنسانية، لكنهم حقيقة يد الزمان التي تغدر بأمتهم وتستخدمهم وقوداً للغدر.

بعيداً تحاك المؤامرات وتختمر حرب عالمية أخرى نحن فتيلها، هناك حيث لا ضمير لا مبدأ ولا دين... أما هنا ما زال بعض من دفء يلف أبناء أمتي، ما زال في الذاكرة بصيص مبدأ، وقليل من دين... بين هنا وهناك تبقى عيوننا معلقة ببريق أمل. بين هنا وهناك مصير محتوم لشعب مظلوم...

لكن مَا كُنتُ أعْلمُ أنَّ العِشقَ يَا وطني يَومًا سَيَغْدُو مَعَ الأيَّامِ إدمانَا، عَلَّمْتَنا العِشْقَ حَتَّى صَارَ في دَمِنَا يَسْرِى مَعَ العُمْرِ أَزْمَانًا فَأزْمَانَا، عَلَّمْتَنا كَيْفَ نَلْقَى المَوْتَ في جَلدٍ وكَيْفَ نُخْفِى أَمَامَ النَّاسِ شَكْوَانَا، هَذَا هُوَ المَوْتُ يَسْرِى في مَضَاجِعِنَا، والغير يطرب من أنات موتانا، بَاعُوكَ بَخْسًا فَهَلْ أَدْرَكتَ يَا وَطَنِي في مأتم الحلم قلبي فِيكَ كَمْ عَانَى؟  (منقول عن فاروق جويدة بتصرف)