الأربعاء، 14 ديسمبر 2011

شرارة هي أم مرارة... أم أنها بكل بساطة تجارة؟؟؟

"اشتعلت الشرارة في حلب" قالها وكله حماسة، "أؤكد لكِ أنه في غضون ثلاثة أسابيع سيكون السلاح في حوزة كل الشعب وستنتصر الثورة لا محالة". انتفضت صديقتي ذعراً وهي تنقل لي ما دار من حديث بينها وبين قريبها ذاك. قالت: حاولت أن أنبهه إلى خطورة تلك الفكرة، أن أذكره بسلمية الثورة التي ادّعوها في البداية، لكن شرارةً لمعت في عينيه ألهبت صمتي فسكنت.

السلاح في يد الشعب! كل الشعب! أي إنجاز عظيم هذا! بل أي نضال سلمي يكون؟ هذا يعني أن القتل أصبح متداولاً ومشروعاً في عرف الثورة كما هو في عرف النظام. أي أن حرباً أهلية تدق أبواب كل البيوت دون استثناء.عجباً إذ في الوقت ذاته الذي يرتفع فيه سعر الدولار بالنسبة للعملة السورية، يرخص الدم السوري في عيون السوريين! في الوقت الذي تلهث فيه دولة إسرائيل لتقديم معوناتها الخبيثة للشعب السوري، يلهث السوريون وراء بعضهم في حلقة مفرغة يسعون للانقضاض لا على اسرائيل بل على سوريا الوطن!!!

اليوم وقد كثرت عمليات خطف الأطفال وتعذيبهم وطلب فدية كبيرة لتسليمهم لعائلاتهم أحياء! حتى ولو في الرمق الأخير... اليوم ومع الانفلات الأمني، ومع كل الأعمال الإجرامية التي ترتكب بحجة الثورة أو باسم الثوار، أو حتى باسم الأمن أو تحت رعايته... اليوم وقد أصبحوا يستهدفون أصحاب الثروات والذين يحمون اقتصاد الوطن من الانهيار، نجد الوطن يترنح بين ممانعة وخنوع.

اليوم وقد أعلن العقيد المنشق رياض الأسعد زعيم ما يسمى الجيش السوري الحر نيته تفجير مصفاتي حمص وبانياس في محاولة أخرى لإنجاح الفتنة وإفشال الثورة، اليوم وصور برهان غليون مع إيهود باراك تتداول بين مصدق ومكذب، بينما هو يصافح بحرارة هيلاري كلينتون التي تبارك جهوده الحثيثة لتدمير بلده بكل إخلاص... اليوم لا مكان للصمت... بل للسلاح..

اليوم عندما يطل فيصل القاسم على شاشة قناة الجزيرة ليعلن ثورته على القضية الفلسطينية، ليصرخ بغضب أن كفى تندبوا دماء الفلسطينيين، كفى مفاخرة بقضية باعها العرب وبصموا بحوافرهم على خريطة اسرائيل عاصمتها قدس السيد المسيح والرسول محمد (ص)، حافرين بمخالبهم خريطة فلسطين الحديثة"غزة والضفة وبعضاَ من إنسان"..... قضية فلسطين يا سيد فيصل ليست تخصهم وحدهم، لا بعرف الدين ولا بعرف القومية ولا بأي عرف كان، فلسطين جزء منا جزء من ديننا ودنيانا... جزء من سوريانا... فالزم مكانك والتزم أدبك أيها العربي!!!

تقول لي صديقتي عن قريبها عينه: لا يفتأ يردد البيت الشهير للشاعر الكبير أحمد شوقي في قصيدته عن الحرية. لكنه لا يأبه للمعنى الحقيقي من وراء تلك الكلمات. صحيح يا صديقي أن باب الحرية الحمراء يدق بيد مضرجة لكن اسمح لي أن آخذك معي إلى عمق المعنى فاليد مضرجة أولاً بدمك ودم كل مؤمن بالحرية لا بدماء الآخرين المخدوعين، ثم نأتي نحن كي ندفع الباب بأقدام ملوثة بدماء الصادقين قولاً وفعلاً. فإن كنت مؤمناً حقاً بأنها ثورة حرية فلتكن في مقدمة الجموع لتقودها نحو الحرية لا أن تقف خلفها لتدفعها نحو حتفها. لو كنت بهذه البطولة لآمنت بثورتك هذه لكن....هيهات...

اليوم وقد وصل تهديدكم عقر داري فإني أقسم بالله العظيم أن أحمل سلاح الإيمان بالله، بالقضية وبسوريا الحرة، أقسم أن أبذل دمي فداء لهذه الحرية، حرية شعب يريد أن يبني الوطن بيمينه لا أن يطعنه في صميمه.